لقاء حواري : نحو حكم ذاتي لإقليم حضرموت “نموذج السيادة  الجزئية والتنمية المستدامة” 

لقاء حواري عبر منصة   X  الصوتية

إعداد وتقديم : أحلام الكثيري

مع الدكتورة: صباح عبد الله عمر الكثيري، خريجة سياسة واقتصاد بتخصص في تطوير العالم الثالث. أشغل منصب نائب رئيس جبهة مستقبل حضرموت، وهو تيار سياسي يسعى لتحقيق حق تقرير المصير لإقليم حضرموت. كما أعمل مستشارة لتطوير الأعمال التجارية، وأسهم في تعزيز وتنمية المشاريع ودعم الاقتصاد البريطاني 

تعريف الحكم الذاتي: المفهوم، الأنماط، وأمثلة من التجارب الدولية

 كيف يمكن للإقليم تحقيق توازن بين استقلاليته وموقعه داخل الدولة اليمنية

كيف يمكن تحقيق رويه مستدامه في اليمن من خلال صندوق الخزينة المالية بحيث لحضرموت ادارة ومواردها وسيادتها كإقليم مستقل مع الحفاظ على علاقتها بالمركز.

السؤال الأول: دكتورة صباح لطالما طالب الشعب الحضرمي بالحكم الذاتي لتحقيق استقلاليته فهل يمكن أن توضحي للمواطن الحضرمي بشكل مبسط ما هو مفهوم الحكم الذاتي وماهي أشكاله، وهل ثمة فرق بين الحكم الذاتي وبين الإدارة الذاتية التي أشار إليها الدكتور رشاد العليمي في أول زيارة له لحضرموت؟

شكرًا لهذا السؤال المهم الذي يعكس وعي المواطن الحضرمي واهتمامه بمستقبل حضرموت.

الحكم الذاتي: هو شكل من أشكال الإدارة التي تُمنح فيها منطقة معينة قدراً من الاستقلالية في اتخاذ قراراتها وإدارة شؤونها الداخلية ضمن إطار الدولة الواحدة. يُتيح هذا النظام للمنطقة إدارة مواردها، ووضع سياسات محلية تتماشى مع مصالح سكانها، مع الالتزام بالسيادة الوطنية والدستور العام للدولة. أشكال الحكم الذاتي متعددة، منها:

1. الحكم الذاتي الإقليمي: حيث تُمنح منطقة جغرافية معينة استقلالية إدارية وسياسية.

2. الحكم الذاتي الثقافي: حيث تُعطى مجموعات سكانية حقوقاً لإدارة شؤونها الثقافية والتعليمية واللغوية.

أما الإدارة الذاتية :التي أشار إليها الدكتور رشاد العليمي، فهي عادة ما تكون مفهومًا أقل استقلالية من الحكم الذاتي، وتركز على تمكين السلطات المحلية من إدارة شؤونها اليومية بشكل أكبر دون المساس بالهيكل العام للدولة أو السلطات المركزية. بمعنى أنها تمثل نوعًا من اللامركزية الإدارية التي تهدف إلى تحسين كفاءة الخدمات وإشراك المجتمعات المحلية في صنع القرار.

• الحكم الذاتي يمنح مساحة أوسع للمنطقة لإدارة شؤونها وفق إطار قانوني محدد.

• الإدارة الذاتية تظل مرتبطة بشكل أكبر بالحكومة المركزية وتعتمد على تفويض السلطات بدلًا من الاستقلالية الكاملة.

في النهاية، أي نموذج يتم اعتماده يجب أن يحقق تطلعات الشعب الحضرمي ويحافظ على مصالح حضرموت في إطار رؤية وطنية متكاملة.

السؤال الثاني: من ضمن رؤيتك التي أشرت لها عبر إحدى المساحات الصوتية في منصة اكس، ذكرتي أن مشروع حضرموت هو إقليم بحكم ذاتي كامل السيادة وحق تقرير المصير، وهو ذاته مشروع مجلس حضرموت الوطني، فكيف يمكن للمجلس تحقيق ذلك في ظل الإدارة الذاتية التي أشار لها الدكتور رشاد العليمي كمحافظة نموذجية تمتلك الموارد والثروة، ستحقق التنمية داخل حضرموت والأقرب لمفهوم الحكم الذاتي المركزي ” فكيف يمكن تحقيق نموذج السيادة الجزئية والتنمية المستدامة معا” في حضرموت بحكم ذاتي مركزي؟ 

حضرموت تمتلك مقومات فريدة تؤهلها لتحقيق نموذج حكم ذاتي يعزز التنمية المستدامة ويمنح أبناءها حق إدارة شؤونهم بأنفسهم، بعيدًا عن المركزية التي عانى منها الإقليم لعقود. ما يتم ترويجه حول الحكم الذاتي المرتبط بالمركز لا يعكس تطلعات الشعب الحضرمي، بل يصب في إطار مشروع اليمن الاتحادي الذي يسعى لتكريس المركزية بشكل آخر.

رؤيتنا للحكم الذاتي الكامل تعني تمكين حضرموت من تقرير مصيرها وإدارة مواردها وثرواتها بما يحقق التنمية والعدالة الاجتماعية، مع الحفاظ على علاقة متوازنة مع الدولة المركزية، تضمن الاستقرار وتحقق تطلعات الحضارم في نموذج تنموي وسياسي يعبر عن إرادتهم الحقيقية.”

السؤال الثالث: يتبنى حلف قبائل حضرموت حراكًا قبليًا في الهضبة وأصدر بيانًا مطالبًا فيها مجلس القيادة الرئاسي والسلطة المحلية بأن تمنح حضرموت الحكم الذاتي، فهل يمكن أن تلبي مطالب حلف قبائل حضرموت بمنح حضرموت الحكم الذاتي كامل السيادة وحق إدارة مواردها وتقرير المصير لتطلعات الشعب الحضرمي، مع اعتبار مؤتمر حضرموت الوطني الممثل السياسي الوحيد؟

إن مطالب حلف قبائل حضرموت بمنح حضرموت الحكم الذاتي كامل السيادة وحق إدارة مواردها وتقرير المصير لتطلعات الشعب الحضرمي، هي بلا شك مطالب تعكس طموحات مشروعة ورغبات واضحة لتحسين الأوضاع وإدارة الموارد المحلية بما يخدم سكان حضرموت. كما أن التأكيد على دور مؤتمر حضرموت الوطني كممثل سياسي وحيد هو خطوة تدل على الحرص على وحدة الموقف الحضرمي وتعزيز الجبهة الداخلية.

ومع ذلك، من الضروري الإشارة إلى أن مفهوم الحكم الذاتي يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالهيكل العام للدولة والمركزية. فإطار الحكم الذاتي غالبًا ما يظل محكومًا بالتوازن بين السلطة المحلية وسلطة المركز. وفي هذا السياق، فإن إدارة الموارد والثروات الوطنية تبقى في الغالب تحت إشراف المركز، الذي يضمن توزيعها العادل وفقًا لمصالح جميع المواطنين على مستوى الدولة.


لذا، فإن أي نقاش حول الحكم الذاتي ينبغي أن يتم في إطار حوار وطني شامل يضمن وضوح الرؤية والتفاهم المتبادل بين جميع الأطراف، لضمان عدم تعارض أي خطوات مع المصلحة الوطنية العليا، أو خلق فجوات تعيق التكامل بين المركز والمحافظات.

السؤال الرابع: كيف يمكن تطبيق رؤيتكم لتحقيق تنمية مستدامة في اليمن من خلال “صندوق الخزينة المالية”، بحيث يضمن لحضرموت إدارة مواردها وسيادتها كإقليم مستقل، مع الحفاظ على الوحدة الوطنية اليمنية؟

وكيف يمكن التوفيق بين:

 1. التزام حضرموت بدورها تجاه المركز: من خلال المساهمة المالية لتعزيز الوحدة الوطنية.

 2.تحقيق تطلعات الإقليم: بتمكينه من إدارة موارده وضمان سيادته محليًا ضمن إطار الحكم الذاتي؟

لتنفيذ هذه الرويه لي “إقليم حضرموت كامل السيادة على أرضه وثرواته مع احتفاظه بعلاقة مالية مع المركز”، يجب أن يعتمد على إطار قانوني واضح يتماشى مع مبادئ الحكم الفيدرالي أو الكونفدرالي. النص القانوني المقترح يجب أن ينظم العلاقة بين الإقليم والدولة المركزية، ويحدد الصلاحيات والمسؤوليات بدقة.

النص القانوني المقترح:

المادة (1): تعريف الإقليم ووضعه القانوني

1. يُعد إقليم حضرموت وحدة إدارية ذات سيادة جزئية ضمن الدولة، ويتمتع بحكم ذاتي كامل في إدارة شؤونه الداخلية، الاقتصادية، والتنموية، وفقًا لأحكام هذا القانون.

2. يحتفظ الإقليم بحق إدارة موارده الطبيعية والبشرية بما يحقق مصالح سكانه، مع الالتزام بالمساهمات المالية المتفق عليها مع الدولة المركزية.

المادة (2): السيادة على الموارد والثروات

  1. يتمتع الإقليم بالسيادة الكاملة على موارده الطبيعية، بما في ذلك النفط، الغاز، المعادن، والموارد البحرية، مع حقه الحصري في استخراجها، استثمارها، وتوزيع عائداتها.
  2.  يُخصص الإقليم نسبة من إيراداته السنوية (تُحدد بالنقاش) لصندوق مركزي يُستخدم لدعم الاتحاد الوطني والدولة المركزية.

المادة (3): العلاقة مع الدولة المركزية

  1.  يحتفظ الإقليم بعلاقات تعاونية مع الدولة المركزية، تشمل الدفاع الوطني، الشؤون الخارجية، وسياسات النقد الموحدة.

  -2     يتمتع الإقليم بحقوق وواجبات متساوية في القرارات السيادية للدولة التي تؤثر على وحدة البلاد وسياستها الخارجية.

المادة (4): مرحلة الانتقال وآلية التنفيذ

  1.  يتم تنفيذ الحكم الذاتي لإقليم حضرموت في فترة انتقالية لا تتجاوز (5) سنوات، يتم خلالها تقييم النظام الجديد وآثاره على الإقليم والدولة.
  •  بنهاية المرحلة الانتقالية، يُجرى استفتاء شعبي لسكان الإقليم لتحديد رغبتهم في استمرار هذا الوضع أو الانضمام الكامل للاتحاد.

المادة (5): ضمانات الاستقرار

  1.   تُلتزم الدولة المركزية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للإقليم، إلا في حال حدوث تهديد مباشر لوحدة الدولة أو الأمن القومي.
  •  يُمنع تعديل هذا القانون إلا بموافقة أغلبية سكان الإقليم عبر استفتاء شعبي.  

المادة (6): الإطار الدستوري

  1.  يُضاف هذا القانون كملحق خاص لدستور الدولة، ويُعتبر جزءًا لا يتجزأ من النظام القانوني للدولة.
  •   يتم تشكيل لجنة دستورية من ممثلين عن الإقليم والدولة المركزية لضمان صياغة مواد تتماشى مع هذا القانون.

هذا الرؤية تنسجم مع الأنظمة الفيدرالية، حيث تمتلك الأقاليم سلطات واسعة ولكنها تظل مرتبطة بالدولة المركزية.

إذا كان النموذج كونفدراليًا، يمكن تعديل المادة (3) لجعل العلاقة مع المركز اختيارية ومبنية على اتفاقات تعاونية.

• يجب أن يتم التوافق على هذه المواد عبر حوار وطني شامل لضمان موافقة جميع الأطراف. 

المادة (7): الرؤية الشاملة لتحقيق الوحدة الوطنية

 • تُعتبر هذه الرؤية خطوة أساسية نحو تحقيق توازن بين الحفاظ على الوحدة الوطنية ومراعاة خصوصيات الأقاليم، بما يساهم في تحقيق استقرار طويل الأمد للبلاد.

 • تشكل هذه المبادرة عنصرًا محوريًا في صياغة مستقبل اليمن الموحد، حيث تتيح للإقليم تحقيق تنمية مستقلة مع تعزيز الروابط الاقتصادية والاجتماعية مع الدولة المركزية.

المادة (8): دعم مشروع اليمن الموحد

 • يدعم إقليم حضرموت المشروع الوطني لبناء دولة يمنية موحدة، حيث يعكس هذا النموذج توازنًا بين الحوكمة الذاتية للإقليم وبين التزامه بالمصالح الوطنية الكبرى.

 • يسعى إقليم حضرموت من خلال هذا النموذج إلى تقديم مثال يُحتذى به في التنسيق بين الأقاليم والدولة المركزية بما يحقق المصالح المشتركة ويسهم في استقرار البلاد.

المادة (9): التفاعل مع تطلعات الشعب اليمني

 • تُعد هذه الرؤية خطوة استباقية للتفاعل مع تطلعات أبناء حضرموت بشكل يتناسب مع طموحات الشعب اليمني في مختلف المناطق، ويعكس التزام حضرموت بتطوير أسس التعاون بين الأقاليم المختلفة بما يعزز من تماسك الدولة اليمنية الموحدة.

السؤال الخامس: كثيرًا ما نسمع عبارة لم يُرسم مجلس حضرموت الوطني، هل يعني ذلك أن مجلس حضرموت الوطني حامل سياسي لحضرموت غير رسمي؟ ولماذا؟

عبارة “لم يُرسم مجلس حضرموت الوطني” تعني أن المجلس لم يتم إضفاء الطابع الرسمي عليه أو لم يُعتمد بشكل رسمي وفق الإجراءات القانونية أو السياسية اللازمة. بمعنى آخر، قد يكون المجلس في مرحلة تأسيسية أو تم الإعلان عنه كشكل تنظيمي أو سياسي، لكنه لم يحصل بعد على الاعتراف أو التفعيل الرسمي من الجهات المختصة، سواء على المستوى المحلي أو الوطني أو الإقليمي.

  1. عدم استكمال الإجراءات القانونية: مثل صياغة اللوائح الداخلية، تحديد الهيكل التنظيمي، أو تسجيله رسميًا.
  2. عدم وجود توافق سياسي: ربما توجد خلافات أو عدم اتفاق بين القوى السياسية أو المجتمعية حول دور المجلس.
    3. غياب الاعتراف الرسمي: سواء من الحكومة المركزية أو الجهات المعنية.
    4. مرحلة الإعداد: قد يكون المجلس ما زال في مرحلة التخطيط أو التأسيس ولم يبدأ العمل رسميًا.

• قد يؤدي هذا إلى ضعف فعالية المجلس في تحقيق أهدافه.
• تقليل ثقة المجتمع به إذا طال هذا الوضع.
• تأخير دوره في تمثيل حضرموت أو المساهمة في قضاياها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *